لماذا لا يحب البعض فكرة التفاوض ؟ هل هي فكرة سيئة ؟ ماذا أفعل عندما يتم التفاوض معي ؟ هذا هو الموضوع الذي سوف نتحدث عنه هذه المرة.
لماذا لا يحب البعض فكرة التفاوض؟
سألت هذا السؤال ذات مرة لبعض الناس وأجابوا أنهم يحرجون من فكرة التفاوض ويجدون أن في ذلك شيء من خدش للكرامة، قال أحدهم بأنه يترفع عن التفاوض، وقال آخر أخاف أن أخسر الفرصة عندما أطلب مثلاً مبلغاً كبيراً فيرفض العميل أو أن أخسر مادياً عندما أطلب مبلغاً قليلاً.
في الواقع، كل هذه الأسباب ترجع إلى رؤيتنا للتفاوض والمنظور الذي ننظر به إليه، أو أن كل ما تعلمناه عن فكرة التفاوض في صغرنا هو أن شخصاً ما يريد شيئاً ليس من حقه أو أنه يحتال ولذا يجب علينا نتيجة هذا الفهم أن نترفع عن فكرة التفاوض.
قد يكون شيئاً منطقياً للعقل ولكن الحقيقة أن التفاوض هو أفضل حل يجعل الطرفين رابحين، ولكنه شيء يجب أن يقوم الطرفان بتحقيقه معاً. والمتفاوض الذكي هو من يستطيع مساعدة من أمامه في تحقيق أفضل حل للطرفين والوصول لنقطة مشتركة. هذه هي فكرة التفاوض بكل بساطة.
فرص كثير قد ضاعت على أشخاص مثلي ومثلك لأنهم لم يتدربوا على كيفية التفاوض بشكل كافٍ. دعنا أولا نوضح كيف يجب أن تكون عملية التفاوض بالأساس قبل البدء بها، إليك الآتي:
1- التفاوض هو أفضل حل لكل الأطراف
لذا يجب أن يفوز الجميع من خلال عملية التفاوض، إذا قمت بالتفكير فيه بهذا المنطق فلن تشعر بالإحراج أو خدش للكرامة أثناء عملية التفاوض.
2- أثناء التفاوض كن لطيفاً وليناً سهلاً مع العملاء
فأنت تقوم بالتفاوض لاستفادة العميل واستفادتك أيضاً، ولقد ذكرنا هنا استفادة العميل أولاً لكي نؤكد على أهمية ذلك في عملية التفاوض وأن يكون ذلك حاضراً في ذهنك لكي تخرج بعملية تفاوض ناجحة ومرضية لكل الأطراف.
3- تخيل عملية التفاوض كرقعة الشطرنج
ربما تحتاج للتضحية بأحد الجنود لكي تمنح أحد فرسانك فرصة التحرك لمكان سوف يعطيك أفضلية في اللعبة. إذا فكرت في عملية التفاوض بهذا الشكل فسوف تستمتع حقاً بها !
حسناً، لقد علمت كيف ستكون عملية التفاوض نفسها، ولكن ماذا يجب عليك أن تفعل قبل أن تقوم بهذه الأمر؟
من أكثر الأخطاء القاتلة التي يمكن أن نرتكبها قب الدخول في عملية التفاوض هي عدم تحضير أنفسنا لذلك مسبقاً، كيف؟
التفاوض مثل أي شيء،
يجب أن تحضر نفسك له وتحضر النقاط التي سوف تقوم بالتفاوض فيها، لذا افعل الآتي:
1- أنت ذاهب لشركة ما للتفاوض، أحضر قلماً وورقة وضع إجابات للأسئلة الآتية:
من صاحب القرار؟
هل الشخص الذي سأجلس معه صاحب الإمضاء؟
كل هذا كيلا تقوم بتضييع وقتك مع الشخص الخطأ وفي النهاية يكون صانع القرار شخص آخر ويتخذ قراراً لا يعجبك لعدم وصول كامل الصورة التي كنت تريد إيصالها إليه.
ما أهداف الشخص الذي سأجلس معه؟
وما أولوياته؟
فلو افترضنا أنا مدير مشتريات وأنت تعتقد بأنه يريد توفير الأموال للشركة، ولكنه في الحقيقة يريد إتمام صفقة شاملة لكي يظهر مظهر من استطاع فعل الكثير في وقت قليل أمام رؤسائه في العمل. ولو افترضنا أنه طبيب، أنت تعتقد أنه يريد السرعة ولكنه يريد الراحة في الاستخدام؛ لذا يجب فكر ما هي أهداف الشخص المتفاوَض معه الحقيقية.
ما هي العقبات التي تواجه الشخص الذي سأجلس معه هو وشركته؟ وما نوعها؟ لو علمت إجابات هذه الأسئلة فإنها ستساعدك للغاية أثناء عملية التفاوض.
ما هي الحلول التي يبحث عنها الشخص الذي سأجلس معه؟ بالتأكيد لديه حلول أخرى ولست أنا الوحيد الذي يملك الحل السحري.
ما هي الخيارات المتاحة أمام الشخص الذي سأجلس معه؟ وماذا سيختار؟
ما الذي سيدفعه لأخذ القرار؟
وما هي أكثر الأشياء التي سوف تشكل فارقاً في قراره؟
هل هو الوقت؟
لأنه في بعض الأحيان يكون الأشخاص على عجلة من أمرهم لأنهم في وقت ذروة للمبيعات أو غيره، حينها يمكنك أن تتفاوض على عامل الوقت وسرعة التنفيذ. إذا لم يكن الوقت هو ما يهم العميل ولكن يهمك فالطبع ستريد أن تنهي الصفقة بسرعة ولكن لابد أن تعلم أن الوقت حينئذٍ لن يكون محل تفاوض.
إجابات الأسئلة السابقة سوف تساعد للغاية في التحضير لعملية التفاوض قبل أن تحدث.
2- فكّر أيكما يحتاج الآخر أكثر؟
ومتى يجب أن أكسب ود الشخص الذي أتفاوض معه؟
فإن كان التفاوض على شراء شركة فمن الممكن إذا خرج الطرف الآخر وهو غير راضٍ عن عملية التفاوض أن يقوم بسرقة العملاء مني بعد بيع الشركة والتأثير عليهم.
3- قم بزيادة قيمة المنتج الخاص بك أو خدمتك والإعلاء منها،
قم بالتحديث وإضافة ميزات جديدة. فمثلاً في مرة من المرات كنا ذاهبين لعمل عرض ما أنا وشخص هندي، وفي الطريق أخبرني بأننا ذاهبين للتحدث ليس فقط عن كيف سنقوم بالتسويق ولكن عن تصميم الويب والتسويق بالبريد الإلكتروني أيضاً، وبهذا قام بزيادة قيمة ما نقدمه.
سنتطرق الآن لثلاثة أساليب من أساليب التفاوض، والتي يمكنك استخدامها واكتشافها عندما تستخدم معك وتستطيع التصرف معها، تعال نتعرف عليها:
1- طريقة ترتيب النقاط:
حدد أهم النقاط بالنسبة لك والتي لا يمكن التنازل عنها وكذلك الثانوية منها والتي يمكن التنازل عنها، وقم بعمل ما يسمى بالـ Anchor أو جعل أهم شيء بالنسبة لك والذي تريد الحفاظ عليها في أول عملية التفاوض، يليه بالتدريج أشياء غير مهمة ولكنك ستعطيها أهمية كبيرة جداً لكي تستخدمها في عملية التفاوض وتقدم بها تنازلات دون أن تخسر وكذلك ستطلب من الطرف الآخر تقديم تنازلات أمام ما قمت أنت بالتنازل عنه، رغم أننا جميعاً نعرف أنها ليست ذا أهمية بالنسبة لك من الأساس.
2- طريقة البسطرمة:
سميت هكذا لأنك أثناء التفاوض سوف تجد العميل يطلب منك طلبات بسيطة وصغيرة، الطلب تلو الطلب مثل شرائح البسطرمة تماماً وأنت ستُحرج أن ترفض. وعلى مدار عملية التفاوض سيستمر في فعل ذلك وطلب التنازلات. وعندما تنتهي عملية التفاوض ستشعر بأنك غير مرتاح على الإطلاق. كلنا نقع في هذا الفخ، ولكن لكيلا نفعل يجب أن نتعلم شيئاً مهما، وهو أن نطلب تنازلات مقابل تنازلات وأن نقوم بتغيير الصفقة على حسب التنازلات المقدمة وعلى حسب التفاصيل الجديدة. ومن الممكن أيضاً إذا رأيت أنه لا مجال للتراجع عن تنازلاتك الكبيرة وتخشى أن يستمر الأمر أن توقف التفاوض وتضع خطاً فاصلاً بين ما تم وما سوف يتم وأنك تريد أن تقوم بحساب الأمر من جديد، وهذا أفضل بكثير من أن تشعر بأنك غير مرتاح في النهاية.
3- إخفاء الاهتمامات:
يجب عليك أن تخفي ما أنت مهتم به لأنه من الممكن أن يستخدم ضدك في عملية التفاوض. كمثال بسيط، ذهب أحدهم لشراء ساعة من مكان يعلم أنه يقبل حدوث تفاوض على السعر، وكان هناك ثلاث ساعات من الماركات العالمية، وأعجبه إحداها ولكنه أخفى ذلك وأبدى إعجابه بالساعتين الباقيتين كذباً وبدأ في التفاوض في أسعارهما حتى وصل لأقل سعر ثم تركهما وذهب للتي أعجبته فعلا وصار يتفاوض عليها وبالفعل اشتراها بثمن مناسب جداً له. من الممكن لك مثلاً وأنت تتفاوض مع شركة معينة أن تبدي اهتمامك بجزء معين من الاتفاق ثم تتنازل عنه لصالح شيء يهمك أكثر دون علم الشركة.
بالتأكيد بعد ما علمت الأساليب الثلاثة التي تستخدم في عملية التفاوض بدأت تشعر بأن الأمر يحتاج خبث شديد. سأتركك مع هذا السؤال وأريد منك جواب، هل تستطيع التفاوض بدون خبث؟ هل تستطيع التفاوض وعمل مشروع تجاري وناجح دون خبث؟
سوف نتحدث عن مواضيع كثيرة الفترة القادمة، وكلها تدور حول شيء واحد، وهو كيف تقوم بإنشاء عمل تجاري يحبه الناس فعلاً.
المصدر
هو بودكاست جون عصمت على soundCloud . يمكنك سماع كامل المقطع الصوتي من هنا .